أعلنت الصين مؤخرا عن إطلاق شبكة الإنترنت الكمية الأسرع على مستوى العالم، والتي تستخدم تقنية الاتصال الكمي لنقل البيانات بسرعة فائقة وأمان عالي. تعتبر هذه الشبكة ثورة في مجال الاتصالات والحوسبة الكمية، وتمثل تقدما كبيرا للصين في هذا المجال.
الشبكة الكمية هي شبكة تستخدم الفوتونات، وهي جسيمات ضوئية، لنقل البيانات بين المستخدمين. تتميز هذه الشبكة بأنها تستخدم خاصية الارتباط الكمي، وهي خاصية تجعل الفوتونات تتأثر ببعضها البعض حتى عن بعد، مما يسمح بإرسال واستقبال البيانات دون الحاجة إلى وسيط. كما تتميز هذه الشبكة بأنها تستخدم خاصية التشفير الكمي، وهي خاصية تجعل البيانات غير قابلة للتزوير أو التجسس، حيث يتم تغيير حالة الفوتونات عند محاولة قراءتها أو تعديلها.
تعمل الصين على تطوير شبكة الإنترنت الكمية منذ عام 2016، عندما أطلقت أول قمر صناعي كمي في العالم، باسم ميسيوس. هذا القمر يستخدم لإرسال الفوتونات الكمية إلى محطات أرضية موزعة في مختلف أنحاء الصين والعالم. كما تم بناء أول شبكة كمية بين مدينتي بكين وشنغهاي، والتي تمتد لمسافة 2000 كيلومتر. وفي عام 2020، تم توسيع هذه الشبكة لتشمل 37 مدينة صينية، وتم ربطها بشبكة الإنترنت العادية.
وفي عام 2021، أعلنت الصين عن نجاح أول اتصال كمي عابر للقارات، بين محطة في الصين وأخرى في النمسا. وفي عام 2022، أعلنت الصين عن إطلاق أول شبكة كمية عالمية، بالتعاون مع 13 دولة، من بينها ألمانيا وإيطاليا وروسيا والهند. وفي عام 2023، أعلنت الصين عن إطلاق شبكة الإنترنت الكمية الأسرع على مستوى العالم، والتي تتيح للمستخدمين نقل البيانات بسرعة تصل إلى 10 جيجابت في الثانية.
تهدف الصين من خلال شبكة الإنترنت الكمية إلى تحقيق عدة أهداف، منها تعزيز الأمن القومي والدفاعي، ودعم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، وتحسين الخدمات العامة والتعليمية والصحية، وتعزيز التعاون الدولي والتبادل الثقافي. كما تسعى الصين إلى أن تكون الرائدة في مجال الحوسبة الكمية، والتي تعتبر المستقبل الواعد للتكنولوجيا والابتكار.
ومع ذلك، تواجه شبكة الإنترنت الكمية بعض التحديات والمخاوف، منها الصعوبات الفنية والتكلفة العالية لبناء وصيانة هذه الشبكة، والمنافسة الشديدة من دول أخرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والقضايا الأخلاقية والقانونية المتعلقة بحماية الخصوصية والحقوق الرقمية، والتأثير الاجتماعي والثقافي لهذه التكنولوجيا الجديدة.
و يمكن القول أن شبكة الإنترنت الكمية الأسرع على مستوى العالم هي إنجاز مذهل للصين، وفرصة كبيرة للعالم، ولكنها تحتاج إلى المزيد من البحث والتطوير والتنظيم والتعاون، لتحقيق الفائدة القصوى والحد من المخاطر المحتملة.